مصطفى مشرف قسم
عدد المساهمات : 2120 نقاط : 2946 تاريخ التسجيل : 10/08/2011 الجنس :
| موضوع: ما رواه ابن بطوطة الأحد مايو 19, 2019 12:54 am | |
| يروي إبن بطوطة عن إسلام أهل جزر المالديف شيء عجيب .. أهل هذه الجزر كانوا كفارًا ، وكان يظهر لهم في كل شهر عفريت من الجن ، يأتي ناحية البحر كأنه مركب مملوء بالقناديل . وكانت عادتهم إذا رأوه ، أخذوا جارية بكرًا فزينوها وأدخلوها إلى "بدخانة" وهي بيت الأصنام وكان مبنيًا على ضفة البحر ، وله طاق ينظر إليه ، ويتركونها هنالك ليلة ، ثم يأتون عند الصباح فيجدونها ميتة . ولا يزالون في كل شهر يقترعون بينهم ، فمن أصابته القرعة أعطى بنته . ثم قدم عليهم مغربي يسمى بأبي البركات البربري ، وكان حافظاً للقرآن العظيم ، فنزل بدار عجوز منهم بجزيرة المهل ، فدخل عليها يومًا وقد جمعت أهلها وهن يبكين كأنهن في مأتم . فاستفهمهن عن شأنهن ، فلم يفهمنه . فأتى ترجمان فأخبره أن العجوز كانت القرعة عليها وليس لها إلا بنت واحدة، يقتلها العفريت . فقال لها أبو البركات : أنا أتوجه عوضًا عن بنتك بالليل . وكان سناطًا ، لا لحية له ، فاحتملوه تلك الليلة ، وأدخلوه إلى "بدخانة"، وهو متوضئ . وأقام يتلو القرآن ثم ظهر له العفريت من الطاق ، فداوم التلاوة ، فلما كان منه بحيث يسمع القراءة غاص في البحر . وأصبح أبي البركات وهو يتلو على حاله . فجاءت العجوز وأهلها وأهل الجزيرة ليستخرجوا البنت على عادتهم فيحرقوها ، فوجدوا أبي البركات يتلو فمضوا به إلى ملكهم ، وكان يسمى شنورازة (بفتح الشين المعجم وضم النون وواو وراء والف وزاي وهاء)، وأعلموه بخبره فعجب . وعرض أبي البركات عليه الإسلام . فقال له أقم عندنا إلى الشهر القادم ، فإن فعلت كفعلك ونجوت من العفريت أسلمت . فأقام عندهم وشرح الله صدر الملك للإسلام فأسلم قبل تمام الشهر ، وأسلم أهله وأولاده وأهل دولته . ثم حمل المغربي لما دخل الشهر إلى "بدخانة" ولم يأت العفريت ، فجعل يتلو حتى الصباح . وجاء السلطان والناس معه فوجدوه على حاله من التلاوة فكسروا الأصنام ، وهدموا "بدخانة"، وأسلم أهل الجزيرة وبعثوا إلى سائر الجزر فأسلم أهلها . وأقام أبو البركات المغربي عندهم وقتًا ، وتمذهبوا بمذهبه ، مذهب الإمام مالك رحمه الله ، وهو مذهب أهل المغرب . وهم إلى هذا العهد يعظمون المغاربة بسببه ، وبنى مسجدًا هو معروف باسمه وقرأت على مقصورة الجامع منقوشًا في الخشب "" أسلم السلطان أحمد شنورازة على يد أبي البركات البربري المغربي "". وجعل ذلك السلطان ثلث مجابي الجزر صدقة على أبناء السبيل ، إذ كان إسلامه بسببهم . ويضيف ابن بطوطة قصته مع أهل هذه الجزيرة في أحد الأيام فيقول : وبسبب هذا العفريت خرب من هذه الجزر كثير قبل الإسلام . ولما دخلناها لم يكن لي علم بشأنه ، فبينا أنا ذات ليلة في بعض شأني إذ سمعت الناس يجهرون بالتهليل والتكبير ، ورأيت الأولاد وعلى رؤوسهم المصاحف ، والنساء يضربن في الطسوت وأواني النحاس . فعجبت من فعلهم وقلت : ما شأنكم ؟ فقالوا : ألا تنظر إلى البحر ؟ فنظرت فإذا مثل المركب الكبير ، وكأنه مملوء سرجًا ومشاعل . فقالوا: ذلك العفريت ، وعادته أن يظهر مرةً في الشهر ، فإذا فعلنا ما رأيت انصرف عنا ولم يضرنا . وأشرف أبو البركات على بناء عشرات المساجد في شتى الجزر وقام بنفسه يعلم الناس أحكام الإسلام ، ولا يزال منزل أبي البركات البربري بجزيرة كندهو وسط جمهورية المالديف سليمًا كما بناه ، وكذلك قبره الذي دفن فيه داخل مبنى فخم بني على قبره عام 1956م ويوجد في أرقى شوارع العاصمة "مالة" حيث يزار باستمرار ولا يمر أحد أمام قبره إلا ويرفع يده إلى الله بالدعاء له بالرحمة والقبول حتى الآن . | |
|