مصطفى مشرف قسم
عدد المساهمات : 2120 نقاط : 2946 تاريخ التسجيل : 10/08/2011 الجنس :
| موضوع: سارق الأوقات في شهر الطاعات الجمعة ديسمبر 20, 2013 8:25 pm | |
| سَارقُ الاوقات فِي شهرالطَاعات..
أقبلَ شهرُ رمضان ، فاستقبلَه المُسلِمون بشَوقٍ وحُبٍّ واحتفاءٍ كبير . كيف لا ..؟ وهو شهرُ الخيراتِ والبركات ، وشهرُ العِباداتِ والطَّاعات .. ! فرِحوا بقُدومِهِ ؛ لأنَّه ضَيْفٌ عَزيزٌ عليهم ، يَمُرُّ سريعًا . يصومون نَهارَه ، ويقومونَ ليلَه ، ويُكثِرون مِنَ الدُّعاءِ فيه ، فدعوةُ الصَّائِمِ عند فِطرِهِ مُستجابَة . فيه يَبرُّونَ الآباءَ ، ويَصِلونَ الأرحامَ ، ويُحسِنونَ للجيران ، ويتلونَ القُرآنَ ، ويتصدَّقونَ ، ويَذكرونَ اللهَ كثيرًا ، ويستغفرون ، ومِن ذنوبِهم يتوبون . وفي الوقتِ الذي يفرحون فيه بضيفِهم ، ويُكرمونَهُ ، ويُحسنونَ ضيافَتَهُ ، تستقبلُهُ ثُلَّةٌ أُخرى بحَفاوةٍ وترحيبٍ ليس له مَثيل . تُرَى لِمَ ..؟!! ليُتابِعوا فيه القنوات ، ويَعكفوا أمامَ الشَّاشات ، فوازير ، وأفلام ، ومُسلسلات . يفرحون بقُدومِ شهرِ رمضان ؛ لأنَّ المُسلسلاتِ تُعرَضُ فيه لأوَّلِ مرة . مُسلسلاتٌ جديدة ، وفوازيرُ يزعمونَ أنَّها تُساعِدهم على التَّفكير ، وتُنَمِّيه عِندهم . نَهارُهم نَوْمٌ ، وتَضييعٌ للصَّلَواتِ ، ولَيْلُهُم سَهَرٌ أمامَ الفضائيات ، يُقلِّبونَ بين القنواتِ ، ويَستمتعونَ بمُشاهدةِ المَاجِنات . فأخبروني –؟؟ – ماذا تستفيدون مِن ذلك ..؟!! أفيه طاعةٌ لِرَبِّكم سُبحانه وتعالى ..؟!! أم فيه طاعةٌ للشَّيْطان ..؟!! إنَّكم في غيرِ رمضان قد لا تُشاهِدونَ التِّلفاز ، ولا تجدون وقتًا لِمُتابعةِ البرامِجِ المُفيدةِ ، فَضلاً عن المُسلسلات . فما بالُكم أصبحتم عاكِفين عليه في شهرِ الطَّاعات ..؟!! كيف تُضَيِّعون أيَّامًا مَعدودةً يا أٌحبه ..؟!! كيف تعصونَ فيها اللهَ ، وهو يراكم ، ويَعلمُ بِكم ، ولا يَخفَى عليه أمرُكم ..؟!! أَيَسُرُّكم أنْ يَأتِيَكم مَلَكُ المَوتِ وأنتِ تُشاهدون القنوات ..؟!! أم تُحِبِّونَ أنْ يَأتِيَكم وأنتم تُمسِكونَ بمُصحفِكم وتقرأونَ آياتٍ مِنَ القُرآن ، أو تقفونَ على سِجَّادَتِكم تُصلِّون رَكعاتكم تتقرَّبونَ بها للرَّحمَن ..؟!!
لا تقولو لي : أننا نشاهِدُها للتَّسليةِ . وهل في عُمُرِ الإنسانِ وقتٌ يُضَيِّعُهُ في التَّسليةِ والَّلهوِ ..؟!! ثُمَّ أخبروني ، ما الذي تُشاهدونَهُ في القنوات ..؟ أنبياءٌ وصَحابة ..؟!! أم تُشاهِدونَ مُمَثِّلينَ ومُمَثِّلاتٍ ، مِمَّن يُبدونَ العَورات ، ومِمَّن تَخضعنَ بالكلمات ، وتَظهرنَ مُتَبَرِّجاتٍ سافِرات ..؟!! لا تقولو لي : مُسلسلاتٌ دِينية ، وحِكاياتٌ تاريخية ، تُعَلِّمُنا ، وتزيدُ ثقافَتَنا ، وتَرفعُ هِمَّتَنا . وأين ذَهَبَت كُتُبُ التَّاريخ ..؟! وأين ذَهَبَت كُتُبُ المَشايخِ والعُلَماءِ ، مِمَن عاصَروا الأحداثَ ، فلم يُزَيِّفوها لنا كما يَحدُثُ بالمُسلسلات ..؟! إنَّها حُجَجٌ فارِغَة . ولتعلموا – أنَّ أعَينكم ستُسألاً عَمَّا تُشاهدوانِهِ ، وستُسألاً أُذُناكم عَمَّا تَسمعوانِهِ ، وهكذا كُلُّ عُضوٍ مِن أعضائِكم ، ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ الإسراء/36 . ي أحبه، كم مِن شخصٍ قبلَكم قد مات ، وكان يتمنَّى أنْ يبلُغَ رمضان ، وقد حالَ بينه وبين رمضان الموت ، وأنتِ قد بلَّغَكم اللهُ رمضان ، ولا تضمنوا أتعيشوا لرمضان القادِم أم لا تُدركوه. فاغتنموا أوقاتَ الطَّاعات ، فالعُمُرُ يجري سريعًا ، والحياةُ قصيرةٌ جدًا ، ونحنُ بأَمَسِّ الحاجةِ ولو لحسنةٍ واحدةٍ تُنَجِّينا مِنَ النار . وليس الكلامُ لَكم وَحدكم ، بل لِكُلِّ مَن جلسَت أمامَ الشَّاشاتِ في شَهرِ الخَيْرِ والطَّاعات ، سواءٌ كان ذلك ليلاً أو نَهارًا . فلو لاحظتِ الوقتَ في رمضان ، لرأيتموه يَمُرُّ بسُرعةِ البَرْقِ .
احذروا – مِن أنْ يَجذِبَكم التِّلفاز ، ويُضَيِّعَ وقتَكم ، ولو ببرامِجَ مُفيدة ، فأنتِ مُحاسَبةٌ على كُلَّ لَحظةٍ مِن لَحَظَاتِ عُمُرِكم ، يقولُ نَبِيُّنا مُحمدٌ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( لا تزولُ قدما عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عن أربع : عن عُمُرِه فيمَ أفناه ....... )) صحيح الترغيب . ولتعلموا – أنَّ دُعاةَ الفِتنةِ يُكَرِّسونَ أوقاتَهم قبل رمضان ، ويتفنَّنونَ في إخراجِ المُسلسلاتِ والبرامَجِ التي تُضَيِّعُ الأوقاتَ ، وتُثيرُ الشَّهَواتِ ، وتُوجِدُ الشُّبُهاتِ ، في شهر التَّقَرُّبِ مِن رَبِّ البَرِيَّاتِ . فإنْ تابعتم برامِجَهم ومُسلسلاتِهم ، فقد ساعدتيهم على تحقيقِ أهدافِهم الدَّنيئة . ألَا تعلمون أنَّ هؤلاءِ مِمّن يُحِبُّونَ إشاعةَ الفواحِشِ في المُجتمعِ المُسلِم ..؟! بل هم مِمَّن يُشيعونها بما يُقدِّمونَ في قنواتِهم ، وبما يَعرِضون على شاشاتِهم ..؟! وقد قال رَبُّنا سُبحانه وتعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ ﴾ النور/19 . فلتنتبهوا – لِمَا يُحيكُهُ لَكم الأعداءُ مِن مُؤامراتٍ وخِداعاتٍ ، بِزَعمِ الاستفادةِ مِنَ القنواتِ ، وقضاءِ أمتعِ الأوقاتِ أمامها . لتُحاولوا قَدْرَ الإمكانِ أنْ تتزوَّدي مِنَ الصَّالِحاتِ في شَهر الطَّاعاتِ ، وليكُونا لَكم وِرْدٌ يَوميٌّ مِنَ القُرآنِ ، بحيثُ تختمونَهُ ولو مرةً في شهر رمضان ، ولو زاد عددُ الخَتماتِ لكانَ أفضل ، مع التَّدَبُّرِ وحُسنِ التِّلاوة . ولتحرصوا على قيامِ الليل ( التَّراويح ) مع الجماعةِ بالمَسجدِ إنْ أمكنكم ذلك . ولا تنسوا تعجيل الفِطرِ وتأخيرِ السّحور ، فهو سُنَّةٌ عن نبيِّكِ مُحمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، (( عجِّلوا الإفطارَ ، وأَخِّروا السّحور )) صحيح الجامع . ولتحتسبوا الأجرَ في أعمالِ بيتِكم ، وفي إعدادِ وجبتيْ الفِطر والسّحور ، فإنَّكم مأجورون – بإذن اللهِ – على ذلك . وأُذَكِّرُكم – أخيرًا – بحديثِ نبيِّنا محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ ، ومَن قام ليلةَ القَدْرِ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ )) مُتَّفَقٌ عليه ، (( مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ )) رواه مُسلِم . قال الحافِظُ ابنُ حَجَر في فَتح الباري : ‹‹ المُرادُ بالإيمان : الاعتقادُ بفَرضيَّةِ صومِهِ ، وبالاحتسابِ : طلبُ الثَّوابِ مِنَ اللهِ تعالى ›› . تقبَّلَ اللهُ مِنَّا ومِنكُم صالِحَ الأعمال .
| |
|