من صفات الله سبحانه وتعالى العدل ، فإذا دعا الداعي
على سين من الناس وهو لا يستحق هذه الدعوة فلا يستجاب له وإن كان في جوف
الكعبة ..
وإلا لهلك كثير من الناس ،خاصة من ابتلي باناس مثل هولاء القوم لا تفتأ
ألسنتهم عن الدعاء على كل من يعرفون ومن لا يعرفون في كل مناسبة وموضع ..
والله أعلم .

المسلم ليس باللعان ولا بالطعان ولا بالفاحش البذي كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ،
فقد أخرج الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
[ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذي]. والله أعلم.

قال تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى
أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:216].

أن الله -تعالى -جعل بين المسلمين أخوة , وترابطا وتوادَّا , وتراحماً ,
ومحبة للخير , وجعل فيما ينهم حقوقا يلتزمها , يؤدونها فيما بينهم , والأصل
فيما بينهم الإعانة والكلمة الطيبة , ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة -
رضي الله عنه - مرفوعا : « وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ
فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعهُ صَدَقَةٌ ,
وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ » .

وعند الترمذي من حديث أَبِي ذَرّ - رضي الله عنه - ، مرفوعا : «تَبَسُّمُكَ
في وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ ... وإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ في
دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ» .

والنصوص في الإخوة وحقوقها كثيرة , وتأمل هذا حديث أبي هريرة - رضي الله
عنه - الذي رواه مسلم : عن أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه - ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم-: «لاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ
تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ يَبِـعْ
بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ. وَكُونُوا، عِبَادَ اللّهِ إِخْوَاناً.
الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ. لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، وَلاَ
يَحْقِرُهُ . التَّقْوَى ههُنَا». وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ
مَرَّاتٍ: «بِحَسْبِ امْرِىءٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ
الْمُسْلِم. كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ. دَمُهُ
وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ».

فإذا تأملت هذا وغيره من النصوص , وجدت أن بين المسلمين من الأخلاق
والتعامل والكلمة الطيبة ما ينبغي أن يفقهه كثير من الناس , فكيف بمن يدعو
على أخيه بالموت ؟ فمن حسن التعامل بين الأخوين في الله أن يدعو كل واحد
لأخيه بظهر الغيب , لا يدعو عليه !!

ففي صحيح مسلم من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم- :«مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو
لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، إِلاَّ قَالَ الْمَلَكُ : وَلَكَ، بِمِثْلٍ».
وفي رواية «دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَخِيهِ، بِظَهْرِ الْغَيْبِ،
مُسْتَجَابَةٌ. عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ. كُلَّمَا دَعَا
لأَخِيهِ بِخَيْرٍ، قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ. وَلَكَ
بِمِثْلٍ». وبوَّب النووي على الحديث بباب [باب فضل الدعاء للمسلمين بظهر
الغيب ]

فلا يجوز للمسلم أن يدعو على أخيه بأي دعاء فيه تعدي , سواء كان موتا أو
غيره , ولو كان مازحاً , مادام أنه ليس له حق بهذا , ويقال لمثل هذا الداعي
. وأمثاله: لا تفرح فلن يستجاب لدعائك مادمت دعوت بغير حق , وهذه من
الدعوة بإثم , ففي صحيح مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -،
عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قَالَ: «لاَ يَزَالُ يُسْتَجَابُ
لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ. مَا لَمْ
يَسْتَعْجِلْ». والله تعالى أعلم وأحكم .